غــــــزة....بعيدا عن غث الحديث

الامة العربية الواحدة....الشعوب العربية التي تموت عشقا ببعضها....الحل هو الاسلام.....الامبريالية الامريكية.....اسرائيل الصهيونية العدو....فلسطين القضية المركزية.....الطاعة لولي الامر.....او الطاعة للامام ورجل.....الدين....المقاومة....الصمود....الشهادة والجنة ......بقي الحاكم فوق الكرسي ونحن منتصرون.......مات مليون ونحن منتصرون....الحاكم (ابن كلب) لكننا سنرقص له.

وهكذا وهكذا وهكذا.....
علمونا كل ذلك....رددناها ورددناها......نقشت في عقولنا نقشا....ترسخت في اذهاننا والعلم في الصغر كالنقش على الحجر.

لما كبرنا صارت ادمغتنا حجرا تقرأ النقوش وتتصرف وفق هذا الكتاب المقدس.
ماعادت تقبل امرا جديدا وان كان هذا الامر سهلا مستساغا حتى لعقل الحمار!
لان سيل الماء وهو ماء يسهل ان نفهم خواصه يمشي على الصخور ولايتسرب فيها فان صار سيلا قويا فتت الصخرة او ثقبها وتغلغل في حشاياها.

اعترف باني لاافهمكم...!
افهم مصادر الافكار واعلم نتائجها......لكني استغرب حالة الاصرار وقد جربنا!
نعم جربنا ايها الاخوة.....الافكار متوهجة ولا شك.
تنقلنا لعالم اخر....ليس من الواقع في شيء....فيها نحن اقوياء.....نحن ارقام صعبة مهابة....نحن سلالات محترمة ماخلق الله مثيلات لها....ننتصر دوما ولانعرف للهزيمة طعما....وكل من يفتي بغير ذلك عميل رخيص.

ستة عقود مرت والنتيجة شراذم هنا وهنا مازالوا يقدمون لنا نفس الخطاب
حفظناه ورب محمد.
انه جميل جدا ورب موسى وعيسى وكل الانبياء والمشعوذين والدجالين ايضا.
لكن هل ستبدل كلماتنا هذه الواقع....هل ستصير هزائمنا انتصارات بقدرة قادر هكذا فقط لاننا بدأنا كما العادة نلقي على اسماع عوام شعوبنا المسكينة ذلك الخطاب الذي استهلكناه مرارا وتكرارا.

الشرائح المثقفة تتحمل وزرا كبيرا مما يحصل....
فهي تشغل اوقاتها اولا بالمدائح لمن يدفع...
وهي دأبت دوما ان تسوق الشعارات التي لها مشترون في الشارع كي يصفق لهم الجمهور.
وهم ابدا لايعيرون اهتماما الا ألا يحيدوا بخطاباتهم عن جادة الطريق الذي يحفظ لهم صور النضال الورقي والامجاد الزائفة حتى وان افضى هذا لنكبات متوالية وفشل يتبعه اخر.

مايحدث في غزة يحدث الان وسيحدث لاحقا.
وان توقف غدا فليس من ضمانة الا يتكرر بعد اسبوع او شهر او سنة.
فنحن ضعفاء وهذه حقيقة.
وهذا الضعف من صنع ايدينا اولا.
لاتقولوا انهم الحكام فهم فقط بعض من المشكلة.
اسالوا الكويتي لماذا يكره المصري ويجهد في اذلاله؟
ثم من بعد حدثوني عن حالات العشق بين العرب.
الدول التي لاتملك ان تحفر بئرا لتستخرج نفطها او تزرع حقلا لتطعم اهلها لايحق لها ان تتكلم عن قوة ولا يحق لها ان تتصرف كالمجنون وتعرض ابريائها لحراب الاقوياء.

ماذا ماذا.....؟!
هل اسمع منكم عبارات التخوين؟
هل صار دمي الان مباحا؟
هل ستسودون الصفحات بمطالباتكم بنحر هذا الملحد العميل؟
لاباس....لكني احب شعبي اكثر منكم.
لن اتاجر بهم....لن افعل كما يفعل التافه مشعل.
لن اجلس ومن حولي اولادي في سوريا واتبرع بدماء الاخرين.
لن ابني مجدا وهميا على شاشات الفضائيات وفي مؤتمرات حضيرة الاسد الصغير وابناء غزة يدفعون ثمن طيشي وطموحاتي السلطوية.

الخائنون ايها السادة هم الذين يسترخصون دماء شعوبهم من اجل شعارات انتهت مدة صلاحيتها.
رافعوها هم ثلة صغيرة من المنتفعين.
اما من لم ينتفع بها ومازالوا يصرون عليها غير عالمين بفداحة خسائرها فهؤلاء جماعة الاميين الذين يملئون الشارع العربي.

بماذا تحارب حماس اليوم ولماذا؟
هل تملك السلاح..بل هل يملك كل العرب مجتمعين عدة الحرب مع اسرائيل؟
بل هل ان العرب لم يجربوا من قبل الحرب معها؟!
هل نسوا النتائج وهل عملوا طوال السنوات السابقة ليغيروا وقائع الامور وينتقلوا لحال جديد من الاستعداد اللازم لخوض هكذا حرب ام ان الحال هو نفس الحال والشعار التافه هو ذاته وكذلك ستكون النتيجة.

حماس تحركها ايران مثلها في ذلك مثل حزب الله.
ستتحرك عندما تأمر ايران بذلك.
وهذا الدعم المالي والعسكري الذي يتلقيانه من ايران يثبت مادأبت على التاشير عليه وهي ان ايران دولة قومية وليست ابدا دولة دينية او مذهبية.
وسبب مايجري في غزة حاجة ايران لفسحة من الوقت كي ينصرف العالم عنها وعن برنامجها النووي.

العرب تائهون عن كل ذلك واقصد هنا الشعوب بالتحديد وليس الحكام.
وعلى عكس ماقد يتصوره البعض من تخلف شديد نعاني منه على مستوى السلطات العليا في بلداننا العربية وجزء من هذا الامر صحيح لكني اعتقد ان الحكام العرب متقدمين على شعوبهم في فهم مايجري....وبدائل هؤلاء الحكام كما حدث في العراق غوغاء المتأسلمين.

نعم مصر لم يغب عنها اي مما جرى ويجري.
وكذلك السعودية ولبنان والاردن واخرون كثيرون.
هم يعرفون الخطر الاكبر اليوم الذي يهدد كامل الوجود العربي.
انه ابدا ليس اسرائيل....انه ايران فانتبهوا.

الدول الاخرى التي ركبت الموجة لها اوضاع خاصة:

فسوريا التي لاندري ان كان جنديها لم يزل يعرف كيف يطلق النار من بندقيته ليس على ابناء شعبه بل على العدو......هذه الدولة هي ايضا العوبة تحركها ايران متى ماارادت وكيفما شاءت واساس الدولة التي مازالت تعيش على اكذوبات العروبة والوحدة والثورة التي حولت البلد من جمهورية لمملكة تتبع عائلة .....هذا الاساس كله مات ولم يعد شرعيا وهي تبحث عن دعامات لابقاء الامور كما كانت عليه طوال نصف قرن مضى....نعم سنقاوم....نعم سنجعل من جلود الصهاينة نعلا دون ان يفسروا لنا لماذا لم نسمع رصاصة تطلق من حيهم لامن اجل فلسطين بل لنقل من اجل ارضهم المحتلة في الجولان.

واما قطر نقطة في بحر فصاحب الكرش الكبير فيها يبحث له عن منبر.
هذا الذي اياديه تمتد في الليل والنهار ليصافح ويعانق اليهود وهؤلاء يديرون له كل شؤونه بما فيها قناته الجزيرة التي تبيع على المواطن العربي خطاب المظالم القديم واستدرار العواطف والانفعالات.

ستجلس حماس بعد ايام وستقبل بكل شروط اسرائيل.
وكلما ضربت اسرائيل مزيدا من القادة الكبار داخل غزة كلما هرولوا نحو العرب متوسلين ان يتوسطوا لدى اسرائيل ليعقدوا الهدنة.
ثم سنسأل وهل من عاقل بعد ذلك سيقول اذا لماذا كانت كل تلك الدماء.
لكن ماسنسمعه عوضا عن محاكمة عقلية واعية وموضوعية لحسبة بسيطة للخسائر والفوائد ان كان هناك شيئا منها هو رقص وغناء اشعار وكتابات تافهة عن انتصارات وهمية.

لااقول غير لكم الله ياابناء غزة السجناء بسجنكم الصغير الضيق في غزة.
ادعو الله ان يفك اسركم وان يخلصكم من سجانيكم القساة.
وادعو ابا مازن مع علمي بانه رجل عاقل قلبه يدمى لما يصيب شعبه وقد لايستطيع ان يفعل ماادعوه اليه...مع ذلك انا اتوقع ان الضريبة ستكون اكبر في المستقبل ان بقيت حماس تسيطر على غزة لذا فان على ابي مازن ان يصر يوم تتوقف الحرب ان تعود غزة لتكون تحت سيطرة السلطة الوطنية الشرعية

دماءنا رخيصة والتجار كثيرون وهم ايضا مساكين وجائعين ويصنعون البضاعة بما يتوائم ورغبات المشتري.

لن اقول غير حسبي الله ونعم الوكيل.

samialrubaiee@msn.com