الزيـــــدي...كيف نقــــرأ فعلتـــــــه؟
اراد السيد الزاملي تجنب معركة وصراع على ارض كتابات .
الموقف في حيّنا يملؤه التوتر ويستلزم الحذر.
ولان الحدث الاكبر الذي هزّ الدنيا اكبر كثيرا من ان يتم تجاهله.
ولاني رحت ابحث عن اراء العراقيين في مواقع عراقية وعربية اخرى .
ولاني ايضا أدّعي وازعم باني محايد وأخذ الامور بهدوء وروية.
قررت ان اكتب حول هذا الموضوع تاركا حرية النشر او المنع للزاملي دون اي عتب او زعل في حال اختار الخيار الثاني.
كما يعلم الجميع ان الاراء وبالتحديد العراقية منها انقسمت بين مؤيد ومعارض لفعلة الزيدي.
اما الاراء العربية فجاءت بلون واحد وهو اللون المعروف والمتوقع(الوردي او البمبي اعلانا عن السعادة والفرح).
لن اناقش اسباب الموقف العربي هذا لانه يحتاج وحده لمقال ولان الامر غير مهم بالنسبة لنا كعراقيين ولاننا تعبنا من استحصال شهادات حسن سير وسلوك ليثقوا باننا نحب وطننا ولم ولن نبيعه يوما.
مايهمني ويهم كل العراقيين ولا شك هو كيف قرأنا كعراقيين هذا الحدث؟
كيف فسرناه؟ وما كان شعورنا ازاءه؟
اشتركت الاراء العراقية على تعارضها وتناقضها بامر واحد هو انها في الاغلب الاعم ومن الطرفين كانت متشنجة ومتطرفة.
فالذي ايد هذا الفعل اعتبر ان حقوق العراق الضائعة مذ بدأ التاريخ وحتى اليوم قد تم استرجاعها!
وان السيد الزيدي قد ثأر لكل الامنا وضحايانا و كرامتنا المهانة.
وان العراق بعد هذه الحادثة صار عزيزا وان العروبة في ذلك اليوم قد استردت امجادها وان الله قد اعز الاسلام والمسلمين على ايدي مطلق الصواريخ( الحذائية).
بل ان البعض من الذين لايعرفون يوما ان يخرجوا من بيوتهم دون اعتمار قلنسوة الطائفية اعتبروا ان الزيدي( الشيعي!) قد انتصر للشيعة اخيرا وطنيتهم اذ قارع المحتل والاحتلال بشخص الرئيس (بوش) وكانهم يريدون مرة اخرى ان يثبتوا ان الحسين شيعي وليس للسنة فيه من نصيب...هكذا صار الزيدي ايضا!.
على الطرف الاخر انبرى من اعترض على هذا الفعل بهجمة شرسة.
وكما هو الحال دوما تبين لهم وبالدليل القاطع وبين ليلة وضحاها بان الزيدي هو بعثي صميمي مثل قناته.
هل سمعتم بهكذا تهمة جاهزة لرجل كان يذرع العراق جيئة وذهابا بحرية!؟هل صرتم تدخلون لمؤتمراتكم الصحفية الهامة مندوبين لحزب البعث المنحل؟!
ام اننا يوم قلنا ان البعثيين قد انسلوا من بين ظهرانينا ولبسوا عباءة المذهب شيعة وسنة كنا محقين لكنكم انكرتم علينا ذلك ورشقتمونا بتهمكم الجاهزة!؟
بل ان احد الجهابذة يقول ان هذه الثقافة(ثقافة الحذاء) هي ارث بعثي بامتياز.
وعلى مايبدو ان الرجل لم يسمع باهل بيته قبل زمن ليس ببعيد وهم يرسلون هداياهم للدكتور اياد علاوي في النجف.
او هدايا اخرى نالها مواليهم عمار الحكيم في الجنوب والشمال ايضا وصار من الواضح ان ماقاله صدام حسين في يوم ما بان كل العراقيين بعثيين او ان البعث يمثل كل العراق صحيحا(هذا حسب مايثبتونه بأقوالهم).
وبعيدا عن اراء الطرفين اقول:
ليس صحيحا مافعله الزيدي ليس لاني حريص على (بوش) ولكن لان الصحفي يجب ان يكون مهنيا بالدرجة الاولى والتصرف الذي جاء به منتظر الزيدي لم يكن حضاريا ولا مناسبا وستكون له تبعات في المستقبل ثؤثر وتصّعب من عمل الصحفيين داخل العراق.
كان بامكانه ونحن نفهم تماما من اي حالة انطلق معها الزيدي بعد ان صار جليا لدى الجميع(من كان مع الاحتلال ومن وقف ضده) بان النتيجة التي تحققت بالعراق هي بالخلاف تماما لما وعد به( بوش) ان يستخدم اسلوبا اخر ليعبر عن رفضه واستهجانه لسياسة امريكا بالعراق.
فكلنا ومنهم الزيدي ربما ( في العلن او السر) حسب الظروف وامكانياتها ساندنا مشروع احتلال العراق وانا من الناس من كنت يرفض تسميته بالاحتلال لاني اعتبرت ان العراق كان محتلا بالفعل ومن طغمة متجبرة وقاسية وباركت مااقتنعت بانه تحرير وكنت موقنا بان الاجنبي الغريب سيكون في كل الاحوال ارق قلبا علينا من صدام ونظامه ولم اهتم يومها باسباب الحرب التي سيقت لدعمها كاسلحة الدمار الشامل العراقي او علاقة نظام صدام بالقاعدة والارهاب فانا وملايين العراقيين كنا نعرف بيقين بطلان تلك الادعاءات ولم نكن بحاجة لمبررات(العالم كان يحتاج لتلك المبررات وليس نحن) أما والحال تبدّل والوعود الامريكية تبخرّت لنجد انفسنا بحال عراق يجر اقداره هذا وذاك طولا وعرضا وان يستبدل نظام البعث بضباع عبرت الحدود واخرى خرجت من مخابئها في ارض الوطن فان موقف الزيدي يمكن ان يكون مفهوما دون ادانة الرجل والقاء التهم عليه جزافا.
شيء طبيعي ربما ان يكون موقف الزيدي كما راينا وان كنا نأمل لو كان احتاجه هذا جاء بشكل واسلوب اخر.
كان بامكانه مثلا ان يهتف ضد سياسات بوش او ضد شخص الرئيس الامريكي نفسه.
او ان يطرح عليه تساؤلات محرجة او ينقل له اخبار القتل والدمار والتقسيم الذي جرى في ارض العراق نتيجة لسياساته وكان العالم سيسمع وجهة نظر العراقيين او كثير منهم بما فعلت يداه.
وايا كان الامر فان مما لاشك فيه ان فعلة الزيدي تلك بعيدا (عن الاسلوب او الطريقة) كان لها فائدتان رئيسيتان:
الاولى انها سرقت من بوش لحظات الزهو المصطنعة التي رغب الرجل ان يخطفها وللمرة الاخيرة من العراق وهو يهم بالرحيل من البيت الابيض واعلمت العالم بان العراقيين متبرمين تماما لنكثه الوعد وتدمير العراق دون ان يحقق لهم حلم الدولة الموعودة الذي زعم انه جاء ليحققه.
والفائدة الاخرى هي ان العراق على الرغم من كل تلك الاخطاء هو في وضع لانستطيع ان نبعد عنه بوارق الامل فمثلا لم يكن من الممكن ان يقوم الزيدي بفعلته تلك لولا انه كان مدركا بان هناك امل ولو صغير بان ينجو والا يصير في خبر كان هو او عائلته كما كان يحدث ايام زمان.
لن اهني الزيدي على فعلته ولن ادينه.
واقول باني افهم.
وادعو الاخرين ايضا كي يهدأوا ويحاولوا الفهم.
وادعو الله سرعة الافراج عنه وان يعود لاهله سالما.
وتلك ستحسب للحكومة وتؤكد للاخرين بانا نعيش في عراق جديد حقا يملك املا بغد افضل.
samialrubaiee@msn.com